تقييم الإنتاج المحلي وتحقيقات ميدانيـة لرصد المضـاربين
أكّد الخبير الاقتصادي كمال خفاش، أنّ اللجوء إلى الاستيراد الاستعجالي الخيار الوحيد المتبقّي لإعادة الاستقرار في أسعار المواد الغذائية، لاسيما المواد واسعة الاستهلاك، وإنقاذ القدرة الشرائية للمواطن بعدما وصلت لمستوى غير مسبوق من الانهيار.
أوضح خفاش في تصريح لـ “الشعب”، أنّ الاستيراد يتم اللجوء إليه كخيار اقتصادي، لتعويض الكميات الناقصة للمواد الغذائية لاسيما واسعة الاستهلاك التي لا يغطيها الإنتاج المحلي، والعمل على ضمان وفرتها، وهو أمر معمول به في كل دول العالم.
في المقابل، دعا الخبير الاقتصادي إلى ضرورة اللجوء إلى إجراء تحقيقات وعمليات تفتيش في الميدان عبر كل الولايات، وبكامل المخازن الكبرى المصرح بها وغير المصرح بها والمعروفة، وذلك بالتنسيق مع أجهزة المراقبة التابعة لوزارة التجارة والفلاح، وكذا مع الأجهزة الأمنية، لمعرفة وتحديد من ينتج، من يشتري ومن يبيع، والكشف عن المضاربين الحقيقيّين.
وأكّد خفاش في ذات السياق، ضرورة تقييم المواد الواسعة الاستهلاك، من خلال تقييم الإنتاج المحلي الفعلي والحقيقي لها سواء تعلق الأمر بالمواد الفلاحية، أو الغذائية المصنعة لتحديد قائمة المواد الواجب تعويضها بالاستيراد، كما يجب - حسبه - معرفة كمية الاستهلاك الوطني للفرد الجزائري حتى يتم تحديد نسبة الوفرة للمواد الغذائية والخروج من العشوائية، وعدم ترك الأمر رهين المضاربين، الذين لا يعرفون ولا يقبلون بممارسة قواعد السوق وقوانين المنافسة التي يمنحها الاقتصاد الحر.
وأشار المتحدّث إلى أنّ المضاربة أصبحت واقعا حقيقيا لابد من وضع حدّ لها، لأن الأمر لم يعد يتعلق بالمنافسة، بل وصل الأمر إلى ضرب الأمن الغذائي للمواطن الجزائري، خاصة البسيط الذي لم يعد يعرف إلى أين يتجه، ولم يتبق له بعد ارتفاع أسعار الحبوب والمعجنات سوى اللجوء إلى الطبيعة ليقتات على نباتاتها وحشائشها، مستغربا ارتفاع أسعار بعض المواد على غرار البطاطا في الولايات المنتجة لها على غرار عين الدفلى التي وصل بها السعر إلى 140 دينار، وهو أمر غير معقول ولا مقبول، ويصعب تفسيره اقتصاديا.
وأشار إلى أنّ الوضع تأزّم أكثر، لاسيما بعد لجوء بعض تجار التجزئة إلى عدم شراء المنتجات الفلاحية التي ارتفعت أسعارها لإعادة بيعها في الأحياء الشعبية، لأنها تتجاوز القدرة الشرائية للعائلات والفئات الهشة بهذه الأماكن، لذا يتعين - حسبه - العودة إلى قانون المنافسة للتحكم في الأسعار من خلال العرض والطلب، وفق هامش ربح معقول يبدأ من 5 بالمائة إلى غاية 30 بالمائة.
وأوضح خفاش أنّه حان الوقت لتدخل الدولة، والضرب بقوة القانون كل من يحاول المساس بقوت الجزائريين، والعمل على ابتكار طرق وآليات جديدة للمراقبة والموافقة لاستعادة الثقة، والعمل على توجيه كل الجهود نحو الاستثمار المنتج فعليا للخروج من هذه الأزمة، ومن يتوجه نحو المضاربة وسرقة الأموال العمومية واستغلالها لغير الأمر المخصص لها يعاقب.
وشدّد الخبير على أهمية الاستفادة من هكذا أزمات، والعمل على التنسيق بين القطاعات والفاعلين والمتدخلين في تحقيق الأمن الغذائي، بحيث أن الكل مطالب بتأدية دوره كما يجب بدل تقاذف المسؤوليات، والعمل سويا على إيجاد الحلول وتقديم الاقتراحات العملية لا الارتجالية التي من شأنها أن تؤزّم الوضع.